الأمراض التنفسية

الانسداد الرئوي: اعراض الانسداد الرئوي وأسبابه، وكيفية العلاج

الانسداد الرئوي المزمن

ما هو مرض الانسداد الرئوي ؟

الانسداد الرئوي المزمن (Chronic Obstructive Pulmonary Disease)، هو مصطلح شامل للأشخاص الذين يعانون من التهاب القصبات المزمن “Chronic bronchitis”، ونُفاخ الرئة “Emphysema”، والربو “Asthma”.

مع هذا المرض يكون الهواء المتدفّق إلى الرئتين محصور ومُقيّد، غالباً ما يحدث بسبب التدخين، تتمثّل الأعراض بالسعال وضيق النفس، ويعتبر إيقاف التدخين أهم علاج لهذا المرض. تستخدم أجهزة الاستنشاق عادةً لتخفيف الأعراض، وفي بعض الأحيان يتم وصف عقاقير أخرى مثل الستيرويدات والمضادات الحيوية والأكسجين، والأدوية المزحلقة الحالّة للمخاط والمذيبة للبلغم في الحلات الشديدة أو عند تفاقم الأعراض.

نسبة انتشار الانسداد الرئوي

يعتبر الداء الرئوي المسد المزمن مرض شائع ومهمّ، ففي جميع أنحاء العالم يؤثر المرض على 329 مليون شخص، أو ما يُقارب 5% من سكان العالم، وفي عام 2012 سُجّل على أنه في المرتبة الثالثة لأكثر الأمراض المسببة للوفاة على مستوى العالم إذ أنه تسبب في وفاة أكثر من 3 مليون شخص.

يُؤثر المرض بشكل رئيس على الأشخاص الذين تزداد أعمارهم عن 40 عاماً ويُصبح أكثر شيوعاً مع تقدّم العمر، ويحدث عند الرجال أكثر من النساء. تعد نوبات وتفاقم أعراض الداء الرئوي المسدّ المزمن من أكثر الأمراض المسببة للبيات في المستشفى، إذ أنه 1 من 8 من الحالات التي يتم إدخالها إلى المستشفى هي حالات الداء الرئوي المسد المزمن.

الأسباب التي تؤدي إلى الانسداد الرئوي

ممّا لا شكّ فيه أن التدخين هو المسبب الرئيس لمعظم حالات مرض الانسداد الرئوي، فمع التدخين تتضرّر بطانة المسالك والشعيرات الهوائية بشكل كبير مما يؤدي إلى التهابها، حوالي 3 من كل 20 شخص ممن يدخنون علبة سجائر واحدة يومياً “20 سيجارة”، و1 من كل 4 أشخاص ممّن يدخنون علبتين سجاير يومياً “40 سيجارة”، يُصابون بالداء الرئوي المسد المزمن لو استمرّوا بالتدخين، ومن بين كل المدخنين فإن نسبة الإصابة بالمرض تتراوح ما بين 10% إلى 25%.

علاوةً على ذلك، يُعتبر تلوّث الهواء والعمل ضمن ظروف يتم التعرّض فيها إلى هواء مُلوّث بشكل مستمر من أهم الأسباب التي تؤدي إلى حدوث المرض أو تؤدي إلى تفاقم أعراضه، جدير بالذكر أنه عند اجتماع التعرّض للهواء الملوث مع التدخين فإن ذلك يزيد من نسبة حدوث المرض بشكل كبير. إضافةً إلى ما سبق، تلعب الوراثة دوراً في حدوث وتطور المرض فهو أكثر شيوعاً بين عائلات وأقارب المصابين المدخنين مقارنةً بالمدخنين من غير الأقارب.

وفي بعض الحالات النادرة، ممّن لديهم قابلية جينية للمرض أكثر من غيرهم وهم مرضى نقص ألفا 1 أنت تربسين ” Alpha-1 antitrypsin deficiency “، والذي يمكن أن يؤدي إلى أمراض في الرئة والكبد والدم، ويحتل هذا السبب حوالي 1% من مُجمل حالات الداء الرئوي المسدّ المزمن.

أعراض الانسداد الرئوي

يُعتبر السعال هو أول اعراض الانسداد الرئوي، ويكون سعال رطب مصحوب بالبلغم، في البداية يكون غير مستمر، يأتي ويذهب تلقائياً، لكن تدريجياً يُصبح سعال دائم مزمن. جدير بالذكر أن المسالك والأوعية الهوائية الملتهبة تفرز مخاط أكثر من المعتاد، مما يؤدي إلى إنتاج كميات كبيرة من البلغم يومياً.

إن أكثر ما يُؤرّق المرضى هو ضيق النفس المصحوب بالصفير المسموع أثناء التنفس، ففي البداية يحدث ضيق النفس فقط عند بذل مجهود، مثل صعود الدرج، لكن تدريجياً يصبح ضيق النفس أكثر سوءًا فيكون موجوداً باستمرار حتى في أوقات الراحة إذا استمر المريض بالتدخين أو التعرض للهواء الملوّث، ونرى كثيراً من المرضى يميلون إلى التنفس بزمّ الشفاه لكي يخففوا من حدة ضيق النفس.

بالإضافة إلى أعراض أخرى عامة غير مخصصّة للمرض، مثل فقدان الوزن، والتعب الدائم، وتورّم الكاحل.

ما هو الفرق بين الانسداد الرئوي ومرض الربو؟

كلاهما يحملان أعراض متشابهة، ومع ذلك فهما مرضان مختلفان، باختصار:

  • في الانسداد الرئوي هناك تلف دائم للشعب الهوائية، لذلك تكون الأعراض كالسعال مزمنة.
  • في الربو هناك التهاب في الشعب الهوائية مما يؤدي إلى انقباض العضلات المحيطة بالشعب الهوائية وبالتالي تضييقها وانحصارها، فتكون الأعراض غير مزمنة وإنما على شكل نوبات تأتي وتذهب وتكون شدّتها متراوحة.
  • في الانسداد الرئوي يكون إنتاج البلغم أكثر منه في الربو
  • الاستيقاظ بالليل بسبب ضيق النفس والأزيز، عادةً ما يكون مع الربو وليس مع الداء الرئوي المسد المزمن.
  • الانسداد الرئوي نادراً ما يحدث قبل 35 سنة، لكن الربو غالباً ما يحدث قبل 35 سنة.

الفحوصات الطبية اللازمة لتشخيص الانسداد الرئوي

يجب على الطبيب أن يأخذ مرض الانسداد الرئوي  بعين الاعتبار لأي مريض فوق سن ال 35 ويعاني من سعال دائم مصحوب بالبلغم وضيق في النفس.

ويستخدم قياس التنفس “Spirometry” بعد ذلك لتأكيد التشخيص، وهو الفحص الأكثر شيوعاً في المساعدة على تشخيص الداء الرئوي المسد المزمن، وهذا الفحص يقيس كمية الهواء التي يضخها المريض إلى الآلة، وعليه فإنه هناك نتيجتين مهمّتين لهذا الفحص ألا وهما: كمية الهواء الداخلة إلى الآلة في الثانية الواحدة FEV1، وكمية الهواء الداخلة إلى الآلة في الزفير الواحد FVC، ويتم تقسيم قيمة ال FEV-1   على ال FVC، فلو كانت القيمة قليلة هذا يدل على أنه هناك تضيُّق في الشعب الهوائية، وبناءً على النتيجة FEV-1 يُقسّم المرض إلى عدة درجات، خفيف (إذا كانت 80% من القيمة المرجعية)، متوسط (إذا كانت من 79-50% من القيمة المرجعية)، شديد (إذا كانت من49-30% من القيمة المرجعية)، شديد جداً (إذا كانت أقل من 30% من القيمة المرجعية).

بعض الفحوصات والإجراءات التي تستخدم مثل الأشعة السينية للصدر X-Ray، والأشعة المقطعية عالية الدقة للصدر CT والفحص الشامل للدم، ومدى تشبع الدم بالأكسجين.

كيفية علاج الانسداد الرئوي

التوقّف عن التدخين هو أهم علاج لمرض الانسداد الرئوي المزمن، وقد لا يكون هناك حاجة إلى أيّة علاجات أخرى إذا كان المرض في مراحله الأولى، إذ أن الإقلاع عن التدخين يقلل من خطر الوفاة بنسبة 18%، بالإضافة إلى ذلك، هناك بعض التوصيات مثل: التطعيم ضد الانفلونزا مرة واحدة سنوياً، والتطعيم ضد المكورات الرئوية Pneumococcus pneumoniae مرة كل خمس سنوات، والحد من التعرّض للهواء الملّوث.

يجدر بالذكر أن الأدوية والإجراءات العلاجية عامةً لا تشفي المرض تماماً، وإنما تخفف من حدة الأعراض المصاحبة، وتمنع تفاقمها.

  • موسّعات الشعب الهوائية المستنشقة

    • وهي حجر الأساس لعلاج الداء الرئوي المسد المزمن، وهناك نوعان من الموسّعات المستخدمة:
    • ناهضات مستقبلات بيتا 2 ” Bete-2 agonists”، منها ما هي قصيرة المفعول، مثل السالبيوتامول ” الفينتولين ” Salbutamol، والتيربوتالين، وهي تخفف من الأعراض لمدة 4 إلى 6 ساعات، ومنها ما هو طويل المفعول، مثل الفورموتيرول Formoterol، وتستخدم غالباً كعلاج وقائي.
    • ويعتبر الاستخدام طويل المدى آمن، مع وجود آثار جانبية تتضمن حدوث ارتعاش، وخفقان في القلب.
  • مضادات الكولين “Anticholinergics “

    • مثل: الابراتروبيوم “ipratropium”، وهو عقار قصير المفعول، والتيوتروبيوم tiotropium” “وهو عقار طويل المفعول، ويعتبر التيوتروبيوم فعّال أكثر من الابراتروبيوم في الحد من مضاعفات ونوبات تفاقم المرض.
    • يمكن لهذا الأدوية أن تؤدي إلى جفاف في الفم وأعراض جانبية متعلقة بالجهاز البولي.
  • الكورتيكوستيرويدات

    •  يستخدم عادةً الكورتيزون المستنشق، ويمكن أن يُستخدم على شكل أقراص في النوبات الحادة.
    • في حين لم يظهر الكورتيزون المستنشق فاعلية كبيرة لدى مرضى الانسداد الرئوي المزمن، إلا أنه يقلل من الحلات الحادة لدى المرضى ذوي الحالات المتوسطة والشديدة.
    • علاوةً على ذلك، عندما يستخدم مع أحد ناهضات مستقبلات بيتا طويلة المفعول فإنه يخفض معدل الوفيات أكثر من استخدام الكورتيزون أو مستقبلات بيتا طويلة المفعول منفردين.
    • يرتبط العلاج طويل الأمد بأقراص الستيرويد بآثار جانبية كبيرة.
  • الأكسجين

    • يحتاج الكثيرون أثناء النوبات الحادة إلى العلاج بالأكسجين، وقد يُفضي استخدام تركيزات عالية من الأكسجين دون الأخذ بعين الاعتبار درجة الإشباع بالأكسجين، إلى زيادة مستويات ثاني أكسيد الكربون وسوء النتائج.
    • عند الأشخاص المعرضين لمخاطر ارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون بدرجة عالية، يُنصح أن يكون درجة الإشباع بالأكسجين من 88-92٪ في حين يوصى أن تكون درجة الإشباع الموصى بها من 94-98٪ لمن ليس لديهم هذا الخطر.

العلاج الجراحي

تعتبر الجراحة مفيدة أحياناً، لا سيّما عند الحالات الشديدة جداً من المرض، وتشمل زراعة رئة وخصوصاً للأشخاص الأصغر سناً، أو استئصال الجزء المتضرر من الرئة لتسمح لباقي الرئة بأن تتمدّد نسبياً والعمل بشكل أفضل.

الحد من مضاعفات الانسداد الرئوي

يمكن الوقاية من مضاعفات مرض الانسداد الرئوي لدى الأشخاص المصابين به من خلال اتباع الإجراءات التالية:

  • التوقّف عن التدخين والحد من التعرّض للهواء الملّوث.
  • التطعيم سنوياً ضد الانفلونزا، وضد الكرويات الرئوية كل خمس سنوات.
  • ممارسة الرياضة المنتظمة.
  • محاولة إنقاص الوزن لو كان المريض وزنه زائد عن الطبيعي.
  • المتابعة الدائمة مع الطبيب المختص.

المصادر

السابق
متلازمة زولينجر إيليسون، ما هو المرض والأسباب و الأعراض والعلاج
التالي
الغدة تحت المهاد: تشريح الغدة تحت المهاد، التغذية العصبية، والأمراض التي تصيبها

تعليقان

أضف تعليقا

  1. نور قال:

    المقال ممتع ومميز جدا ??
    شكرا جميعا
    بس هو البيات في المستشفى ولا المبيت في المستشفى، مين الاصح؟!
    وبانتظار مقالات متعلقة بامراض الدماغ والاعصاب ..

    1. د. محمد أحمد لبد قال:

      أهلًا نور!
      سُعداء جدًا باطّلاعك المستمر ومتابعتك الدائمة للمقالات العلميّة على موقع طبّ فاكت، نتمنى دوام الاستفادة.

      أما بالنسبة للبيات و المبيت -اعتمادًا على معجم لسان العرب-
      فإن البيات هو المصدر من بات، أي سكن أو قَطَنَ ليلًا، و يُراد به الفعل نفسه ألا وهو السكون ليلًا،
      أما عن المَبيت فيُراد به المكان، أي المسكن أو المأوى الذي يتم فيه البيات.

اترك تعليقاً