تعتبر الولادة الطبيعية عملية مؤلمة ومرهقة، ولها تبعات فسيولوجية ونفسية على الأم والطفل، ومما لا شك فيه أن معظم السيدات ينتابهن القلق بشأن التعامل والسيطرة على ألم الولادة أو ما يُعرف بألم المخاض الناجم عن الانقباضات الرحمية.
الولادة الطبيعية
هي عملية فسيولوجية طبيعية يتم من خلالها خروج الجنين والغشاء المحيط به والحبل السُّري والمشيمة من الرحم عبر فتحة المهبل.
طبيعة ألم الانقباضات الرحمية
يُعرَّف الألم بأنه تجربة حسية وعاطفية غير مرغوب بها. يبدأ ألم الولادة بشكل خفيف في المراحل الأولى للولادة الطبيعية وتزداد شدته مع تقدمها، ويأتي ألم الولادة نتيجة تحفيز المستقبلات الميكانيكية والكيميائية التي تُحفَّز بعد إفراز النواقل العصبية الموجودة في الرحم، والتي تؤدي إلى انقباض عضلات الرحم وتمددها مع عنق الرحم والمهبل أثناء ضغط رأس الطفل واندفاعه في قناة الولادة، مما يُشعِر السيدة بالألم على شكل مغص شديد في البطن والحوض وأسفل الظهر، والبعض يشعرن بألم في جانبي الحوض والفخذ.
يأتي الألم في المراحل الأولى من الانقباضات الرحمية ومن توسع عنق الرحم، ثم يُضاف في المرحلة الثانية للولادة الألم الناتج عن توسع منطقة المهبل وتمدد عضلات وأربطة الحوض، ويكون في المرحلة الثانية أشد من المرحلة الأولى، ويأتي معه الشعور بالضغط والرغبة في الدفع.
أهمية السيطرة على ألم الولادة الطبيعية
- التحكم في الألم أثناء الولادة يساهم في انتظام التنفس لدى الأم، وبالتالي يحافظ على نسبة طبيعية من الأوكسجين وثاني أكسيد الكربون في الدم لدى الأم والجنين، كما ويساهم في التحكم بوصول التروية الدموية المناسبة للجنين عبر المشيمة، وهذا أمر مهم خاصة لدى السيدات الحوامل اللواتي يعانين من أمراض تتعلق بالقلب أو ارتفاع ضغط الدم الشرياني أثناء الحمل.
- التحكم في الألم والقلق أثناء الولادة يقلل من احتمالية الإصابة بالأمراض النفسية التي تتبع الولادة، كمرض الإحباط ما بعد الولادة (postpartum depression) ومرض اضطراب ما بعد الصدمة (posttraumatic stress disorder).
الأساليب المستخدمة في تسكين ألم الولادة الطبيعية
هناك أُسلوبان للسيطرة على ألم الولادة، هما:
- الأساليب الطبيعية.
- الأساليب الطبية والعلاجات الدوائية.
وسنتطرق في هذا المقال للأساليب الطبية والعلاجات الدوائية المستخدمة لتسكين آلام الولادة.
لا يوجد طريقة واحدة تصلح لجميع السيدات؛ لذلك يتوجب على السيدة استشارة الطبيب لتحديد الطريقة الأنسب لحالتها الصحية.
الأساليب الطبية والعلاجات الدوائية المستخدمة لتسكين آلام الولادة الطبيعية
توجد عدة طرق طبية للتقليل من ألم الولادة، وهي كالتالي:
1.حقن الأدوية وريديا أو عضليا (Parenteral):
هناك ثلاثة أنواع من الأدوية التي يمكن استخدامها لتخفيف آلام الولادة الطبيعية وهي:
-
الأدوية المخدرة الأفيونية(Opioid analgesia)
مثل (meperidine, morphine, fentanyle)، والتي يمكن حقنها وريديًا أو عضليًا في منتصف المرحلة الأولى من آلام الولادة الطبيعية، حيث تعمل على تخفيف الآلام بشكل ملحوظ، مما يُريح الأم ويُسهل عليها الولادة. وقد تسبب هذه الأدوية بعض المضاعفات للأم كالقيء والغثيان وتثبيط الجهاز التنفسي، وفي حال انتقال هذه الأدوية للجنين عبر المشيمة قد تسبب له خمولا وتباطؤاً في نبضات القلب وتثبيطًا في عمل الجهاز التنفسي.
-
الأدوية المُسكِّنة غير الأفيونية
مثل(Panadol)، لكنها ليست فعالة بقدر الأدوية الأفيونية في تخفيف الألم، إلا أنها قد تساهم في تقليله في المراحل الأولى للولادة الطبيعية.
-
الأدوية المُهدِّئة
وأشهرها (ketamine, dormicum, promethazine & hydroxyzine)، والتي تخفف من التوتر والقلق، وتزيد من فعالية الأدوية الأفيونية في تسكين الألم، بالتالي تسمح بتقليل جرعة هذه الأدوية وتقليل الأعراض الجانبية المصاحبة لها.
2.الغازات الاستنشاقية(Inhalation):
وغالبًا ما يتم استخدام غاز أكسيد النيتروز مع الأوكسجين، فعند بدء انقباضات وآلام الولادة الطبيعية يتم وضع قناع الوجه(Face Mask) للمريضة ومن ثم ضخ خليط الغاز الذي سيعمل على تهدئة الأم وتخفيف آلام الولادة. ويُعد استخدام غاز أكسيد النيتروز آمنًا ولا يشكل أي مخاطر على الأم والجنين وذلك في حال استخدامه لفترات قصيرة.
3.تخدير فوق الجافية(Epidural Anesthesia):
تخدير فوق الجافية هو عبارة عن حقن أدوية حول الحبل الشوكي في الفراغ بين طبقة الأم الجافية والرباط الأصفر (فراغ الإبيديورال) بعد إدخال قسطرة رقيقة إلى ذلك الفراغ.
ويمكن حقن أدوية مُخدِّرة مثل الماركيين(Marcaine) أو أدوية مخدرة أفيونية مثل الفنتنيل(Fentanyle) أو كلتاهما معًا.
ويعتبر تخدير فوق الجافية من أفضل وأنجع الطرق المستخدمة لتخفيف آلام الولادة الطبيعية، إذ أنَّ مضاعفاته على الأم والجنين قليلة ومحدودة مقارنةً بالطرق الأخرى، كما أن من الممكن استخدامه للتخدير وليس لتسكين الآلام فقط وذلك في حال تطلب الأمر إجراء عملية قيصرية عاجلة كون الولادة الطبيعية مُتعسرة، أي أن السيدة ستُجنّب التخدير الكلي ومخاطره.
أما بالنسبة لمضاعفات وسلبيات تخدير فوق الجافية فهي ضئيلة الحدوث بسبب الاحتياطات التي يتخذها طاقم التخدير، ومن أهم المضاعفات التي قد تحدث خلال الولادة الطبيعية هي زيادة الفترة الزمنية للمرحلة الثانية من الولادة، مما يؤدي إلى زيادة فرص استخدام أداة ملقط الولادة (Forceps) للمساعدة في خروج الطفل.
4.تخدير العصب الفرجي (Pudendal nerve block):
يقوم الطبيب بحقن مادة مخدرة حول العصب الفرجي بالقرب من المهبل فيخفف من الألم الناتج عن تمدد قناة الولادة أثناء اندفاع الطفل خلالها، ولكنه لا يساعد كثيراً فيما يتعلق بألم الانقباضات الرحمية على عكس تخدير فوق الجافية أو حقن المسكنات الأفيونية.
المصادر
- John F. Butterworth, David C. Mackey , John D. Wasnick (2013) Morgan and Mikhail’s Clinical Anesthesiology. Amazon [Online]. Available at: John F. Butterworth, David C. Mackey , John D. Wasnick. (2013) Morgan and Mikhail’s Clinical Anesthesiology, 6th edn., : LANGE. (Accessed: 2 November 2019).
- Newton-Wellesley Hospital (2019) Pharmacologic Pain Management During Labor, Available at: https://www.nwh.org/patient-guides-and-forms/maternity-guide/maternity-chapter-3/comfort-measures-during-labor-and-delivery-pharmacologic-methods (Accessed: 2 November 2019).
- American College of Obstetricians and Gynecologists (2017) Medications for Pain Relief During Labor and Delivery, Available at: https://www.acog.org/Patients/FAQs/Medications-for-Pain-Relief-During-Labor-and-Delivery?IsMobileSet=false (Accessed: 2 November 2019).
- Iwona Czech, Piotr Fuchs, Anna Fuchs (2018) Pharmacological and Non-Pharmacological Methods of Labour Pain Relief—Establishment of Effectiveness and Comparison, Available at: https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC6313325/pdf/ijerph-15-02792.pdf (Accessed: 2 November 2019).
- Elana Pearl Ben-Joseph (2018) Dealing With Pain During Childbirth, Available at: https://kidshealth.org/en/parents/childbirth-pain.html (Accessed: 2 November 2019).
